ولكن متى يبدأ الطفل بتخيل البدائل وكيف يمكن لأشياء أن تكون مختلفة أي متى يبدأ بالتظاهر؟
يبدأ من الشهر الثامن عشر أو أقل!!
والأمثلة التي يقدمها الباحث هو ما نراه عندما يمسك الطفل بقلم يمشط به شعره أو يمسك بسيارة ويتحدث بها كأنها جوال أو يضع رأسه على مخدة مدعيا أنه نائم.
وبعد هذا يعامل الأطفال الأشياء كأنها أشياء أخرى كما يحدث عندما يحول الطفل المكعبات أو غيرها إلى وسيلة نقل ويصدر أصوات سيارة وهو يمتطيها ويتنقل بها.
ويرى الباحث أن الطفل لا يتظاهر بأمر عندما يستخدم لعبة لأننا نقدم له لعبة تمكنه من ذلك، بل نقدم لهم اللعبة لأنه يحب التظاهر أو الادعاء وحتى إذا لم يشتر لعبة فإنه يبحث في بيته عما يمكنه من ذلك.
واللغة تعين الطفل على التظاهر والادعاء . يقول الباحث:"..تعلم اللغة يعطي الأطفال طريقة قوية جديدة للتخيل. وحتى الأطفال الذين لا يستطيعون الكلام، لصغرهم، عندهم بعض القدرة على توقع وتخيل المستقبل. ولكن القدرة على الحديث تعطيك طريقة محددة قوية لوضع الأفكار القديمة بطرق جديدة والتحدث عن أمور ليست موجودة"
وعندما يصل الأطفال إلى الثانية أو الثالثة من أعمارهم ، يقضون الكثير من الوقت مع كائنات متخيلة وعوالم ممكنة وهويات مفترضة فهذا ملك وذاك سوبرمان وآخر مدير أو طبيب وهكذا.
فهل هذا اللعب التخيلي دليل على محدودية إدراك الأطفال أم دليل على قدراتهم الإدراكية والمعرفية؟
الجواب هو أنه دليل على قدراتهم.
هل يمكن لطفل في الثانية من عمره أو الثالثة أن يميز بين الحقيقة والخيال؟
الجواب كما يقرر الباحث : نعم
ولكن الذي يجعل الأطفال يبدون مشوشين هو أنهم يدعون بعاطفة أو يتظاهرون بعاطفة وحساسية بمعنى أنهم يعلمون أنه لا وجود لوحش في صندوق فإذا تركتهم في الغرفة وحدهم مع الصندوق ابتعدوا عنه!!
والكبار؟؟؟؟
طلب عالم نفس من مجموعة من الكبار أن يضعوا ماءا في قارورة وأن يكتبوا عليها ساينايد(نوع من السموم) ومع ذلك لم يشربوا من الماء!!!
ما الفرق؟ الأطفال أكثر حساسية وعاطفية من الكبار.
والسؤال: كيف يتمكن العقل البشري من التفكير في الممكنات في المستقبل والماضي؟
الأمر مرتبط بقدرتنا على التفكير السببي.
فهل يفهم الأطفال موضوع السببية؟
قام عالم النفس هنري ولمدة عام في الاستماع إلى قاعدة معلومات تحتوي على مئات المحادثات اليومية للأطفال ووجد أن أطفال الثانية والثالثة من العمر يسألون الكثير من الأسئلة السببية يوميا. كما إنهم يعطون تفسيرا لظواهر طبيعية " فلان أخذ كرسيي لأن كرسيه مكسور" وأكثر ما يحبونه التفسيرات النفسية " لن اصعد إلى الأعلى لأني أخاف" وهكذا....
ولاحظ الباحثون أن الأطفال إذا لعبوا لعبة فلا بد من أن يعدوا لها إعداد منطقيا ولا يخالفون القواعد المنطقية التي تستتبع ما أعدوه. فإذا مثلوا أن احدهم طفل فلا بد أن يشرب الحليب لأنه طفل.
المصدر: مجلة "دسكفر" ربيع 2010
خالد سيف الدين عاشور
18 يونيو 2010