ولقد تعرضت فكرة قياس الذكاء بالاختبارات التي اشرت إليها إلى انتقادات عدة منذ مدة إلا أنها لا تزال منتشرة ويؤمن بها كثيرُ من الناس ويرون نتيجتها تقيس فعلا ذكاءهم وذكاء أبنائهم وبناتهم وتستخدم في مجالات مختلفة حتى وصل الأمر بعالم نفس في هارفرد وهو "بورنج"Boring لأن يُعرّف الذكاء بأنه ما تقيسه الاختبارات.
ويطرح المؤلف 3 أسئلة متعلقة بالذكاء:
1-هل الذكاء واحد ام هناك عدة وحدات ذهنية مستقلة نسبيا؟
وقد انقسم الباحثون إلى فريقين هنا.
2-هل الذكاء وراثي اي محدد وراثيا؟
3-وهل الاختبارات منحازة لجنس أو عرق أو لون أو منطقة جغرافية أو منظور أو الخ؟
وبدأ الهجوم على مؤسسة الذكاء أو المؤسسة التي احتكرت الذكاء وفهمه وما تراه مقياسا له.واصبحت المؤسسة في موقع الدفاع لأول لأول مرة فقد دخل الميدان باحثون غير متخصصين في علم النفس . فعلماء الإنسان (علماء الأنثروبولوجي) الذين أمضوا حياتهم في دراسة ثقافات الشعوب المختلفة التفتوا ولفتوا الانتباه إلى ضيق افق النظرة الغربية للذكاء وَبينوا مثلا أن هناك شعوبا لا تحمل مفهوما يُسمى ذكاءا وشعوبا أخرى تطلق على الذكاء ما يراه الغربيون غريبا كالطاعة ومهارات الاستماع مثلا كما نبهوا إلى ان أداء من يتم اختبارهم بمقاييس الذكاء بمجموعة من الأسئلة غير المرتبطة بحياتهم بل المرتبطة بشكل كبير بعالم المدرسة لا يمنح إلا مقياسا واحدا للذكاء ولا يمكن بالتالي أن نزعم أنه يقيس الذكاء الإنساني ويصنف الناس ويضعهم في خانات أبدية. بمعنى أنك لا تستطيع أن تأخذ اختبار الذكاء الذي تم تفصيله في الولايات المتحدة لتقيس به ذكاءات افراد ثقافات أخرى في العالم الواسع وهذا ما قصده المؤلف بقوله بأن الاختبارات منحازة.
ودخل في الميدان أيضا علماء الأعصاب يحملون شكوكا تجاه مفهوم الذكاء لدى علماء النفس.
فمنذ نصف قرن كان الاعتقاد السائد هو أن الدماغ جهاز واحد يقوم بالمهمات كلها بكليته بدون تخصص وحدات منه لأمور محددة ،وأن أي جزء من الدماغ يمكن أن يساعد ويفيد في الادراك والمعرفة الانسانية.والادلة الان تشير الى ان الدماغ عضو موزع الوظائف والاستعدادات فأعماله المتعددة التي تبدأ مثلا بادراك زاوية خط الى انتاج صوت لغوي مرتبطة بشبكات عصبية محددة وبهذا المنظور يصبح من المعقول ان ننظر الى الدماغ على انه يحوي استعدادات ذهنية كبيرة لا بد من توضيح علاقة بعضها ببعض.